الإيــــــمان بـــــالله
الإيمان بالله تعالى واجب على الإنسان:
إذا تفكر الإنسان قليلاً سيجد أن الله الذي خلقه قد أعطاه أدوات يتعلم بها سائر العلوم الدينية والدنيوية وبغيرها لا يمكنه أن يكتسب شيئاً من علم، قال تعالى ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) سورة النحل 78 ،
" الأفئدة " : القلوب
ومن أول شكره سبحانه أن نستخدم أدوات العلم التي وهبنا إياها، في العلم به، قال تعالى: ( فاعلم أنّه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) سورة محمد صلى الله عليه وسلم 19
وبغير أن يعلم الإنسان خالقه لا يمكنه أن يتبع هُداه الذي يسعده في الدنيا والآخرة فيكون من الخاسرين، لذلك كان أول واجب على الإنسان أن يعرف الله تعالى.
إلى أعلى الصفحة
العلم طريق الإيمان
وإذا أراد الإنسان إيماناً صحيحاً فعليه بالعلم، قال تعالى: ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب ) سورة الرعد 19
ذلك لأن إيمان المُقلد لغيره سُرعان ما يهتز عند أول امتحان وعند أول شُبهة، قال تعالى
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب )سورة الزمر 9
وقال: ( ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) سورة الحج 11
" على حرف " أي على طرف وجانب من الدين سرعان ما ينقلب.
إلى أعلى الصفحة
الأدلة العلمية على الإيمان بالله سبحانه
القواعد العقلية
القاعدة الأولى: العدم لا يخلق شيئاً
العدم الذي لا وجود له لا يستطيع أن يصنع شيئاً لأنه غير موجود.
المـــــــــوجـــــــود
إذا تأملنا في المخلوقات التي تولد في كل يوم من إنسان وحيوان ونبات ، وتفكرنا في كل ما يحدث في الوجود من رياح وأمطار وليل ونهار ، ونظرنا إلى ما يجري في كل حين: من حركات منتظمة للشمس والقمر، والنجوم والكواكب، إذا تأملنا في هذا وغيره من التغيرات المُحكمة التي تجري في الوجود، في كل لحظة، فإن العقل يجزم بأن هذا كلّه ليس من صنع العدم، وإنما هو من صُنْع الخالق الموجود سُبحانه.
قال تعالى: ( أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خَلَقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ) سور الطور 35 – 36
إلى أعلى الصفحة
القاعدة الثانية : التفكر في المصنوع يدل على بعض صفات الصانع
إن كل شيء يوجد في المصنوع يدل على قدرة، أو صفة، عند الصانع ، فلا يمكن أن يوجد شيء في المصنوع، إذا كان الصانع لا يملك قُدرةً أو صفة ، مكّنتْه من فعل الشيء في المصنوع. مثال:
إذا رأيت باباً من خشب، وأنه يستطيع أن يقطعه بانتظام، وأنه قادر على أن يجعل الخشب أملس وأنه يملك مسامير، وأنه يقدر على تثبيت أجزاء الباب بالمسامير، وأن لديه خِبرة في صناعة الأبواب .. فإذا وجدنا ثُقباً منتظماً في الباب ( محل المفتاح ) شَهِدَ لنا ذلك بأن الصانع لديه قُدرةٌ، على ثقب الباب بدقة وأن لديه إحكاماً في عمله، وهكذا نجد كل شيء في المصنوع, يدل على قدرة, أو صفة عند الصانع لأنه لا يمكن أن يوجد شيء في المصنوع إلا إذا كان الصانع يملك قُدرة أو صفة تُمَكِّنُهُ من صنع ذلك الشيء.
وهكذا سنجد أن التفكر في المصنوع يدلنا على بعض صفات صانعه، ومن هنا أن التفكر في المخلوقات يدل على بعض صفات الخالق.. قال تعالى: ( إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين * وفي خلقكم وما يَبُثُ من دابة آيات لقوم يوقنون * واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الريح آيات لقوم يعقلون * تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ) سور الجاثية 3 -4- 5-6
" آيات " : علامات
" تصريف الرياح " : تقليبها في مهابها وأحوالها.
وإذا تأملنا وتفكرنا في المخلوقات فستعلمنا آيات الله فيها ببعض صفات الله سُبحانه، قال تعالى: ( قُل انظروا ماذا في السموات والأرض) سورة يونس 101
وقال تعالى: ( أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ) سور الأعراف 185
إلى أعلى الصفحة
الحي الدائــــــــــم
إن الطعام الذي نأكله لا يسمع، ولا يبصر، ولا يتحرك ولا ينموا، ولا يتنفس ولا يتزوج ولا ينام، ولا يستيقظ، فإذا دخل الطعام جسمك أصبح جسما ًحيّاً، يتصف بالأوصاف السابقة، وكذلك الحال في طعام الحيوان، وكذلك مواد الماء والتراب والهواء التي يتغذى بها النبات لا تنموا ولا تُثمِر ولا تتنفس ولا تتغذى.
فإذا دخلت جسم النبات تحولت إلى نباتات حيّة، ذات بهجة، فهذه الحياة التي تدب في كل جسم ، من نبات أو حيوان أو إنسان ، في كل يوم ، وفي كل لحظة ، تشهد أنها من صنع واهب الحياة.
ولقد حاول الإنسان أن يخلق الحياة؛ فباء بالفشل الذريع وأعلن الباحثون في الشرق والغرب عجزهم عن خلق الحياة.. وصدق الله القائل: ( يا أيها الناس ضُرِب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضَعُفَ الطالب والمطلوب * ما قَدَرُوا الله حق قدره لقوي عزيز) سورة الحج 73 – 74
نعم: والبشر يعجزون عن استرداد أي شيء يأخذه الذباب، لأنه بمجرد أخذه يَصُب عليه من لعابه، فيحوله من فوره شيئاً آخر لا يمكن استعادته.
إن الحياة التي نُفخت، وتنفخ على الدوام في الكائنات، لا تكون إلا من الحي الدائم سبحانه.
وكل حياة يُهددها الموت متى جاءت أسبابه، لكن خالق الأسباب لا تضره الأسباب، فهو الحي الدائم الذي لا يموت.
قال تعالى: ( له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) سورة الحديد2
وقال سبحانه: ( وتوكل على الحي الذي لا يموت ) سورة الفرقان 58
إلى أعلى الصفحة
العلــــيــــــــــــم
إذا تأملت في أجنة الحيوانات، سترى أن العيون تُخلق في أرحام الأمهات، حيث الظلام الشديد، مع أن العيون لا ترى إلا في الضوء، فيشهد ذلك: أنّ الذي يخلق العيون، يعلم أن تلك الأجنة ستخرج إلى عالم النور، وهكذا يشهد خَلْقُ الأجنة للطيور داخل البيض: أن الخالق يعلم أنها ستطير في الهواء، فخلق لها الأجنحة قبل ولادتها، وهكذا كل مخلوق نرى خلقه وهو جنين، قد أُعد بما يناسب ظروف الحياة التي سيعيش فيها، حتى جنين الشجرة ( البذرة) يُهيئه الله بجزء يكون الأوراق والأغصان، وجزء يضرب في الأرض لامتصاص الماء والتراب ( الأملاح ) ولا يكون ذلك، إلا من صنع من يعلم أن النبات سيحتاج إلى الماء ، والتراب، والضوء ، والهواء .
وإذا رأيت الذكور تُخلق، فسترى أن الخالق قد عَلِم أعدادها، فخلق لها من الإناث ما يكافئ تلك الأعداد وسيشهد لك ذلك أنه من صنع العليم سبحانه، قال تعالى: ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) سورة الذاريات 49
والماء العذب إذا كان راكداً تعفّن، ولكن العليم بذلك جعل البحار مالحة، وجعل موجها مُتحركاً، حتى لا تفسد الحياة على الأرض بعفونة البحر.
هذا وكل ما في الكون يشهد: بأن الخالق لهذا الكون لا شك عليم بما يخلق، سبحانه، وهو القائل:
( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) سورة الملك 14
وعلم الله مُحيط بكل شيء لم يسبقه جهلٌ ، ولا يدخل عليه نسيان، قال تعالى: ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) سورة الطلاق 12
إلى أعلى الصفحة
الحكيمـــــــــم
وإذا تأملت في صور المخلوقات، وجدت أن كل جنس يُحكِمُه الخالق سبحانه على مثال واحد.
ففي الإنسان: العينان في الوجه، والأنف بينهما، واليدان في الجانبين، والقدمان من أسفل. ولا تجد أن عيناً، نبتت لإنسان في ركبته، أو بداً ظهرت في رأسه، وهذا يشهد أنه من صنع الحكيم، الذي أحكم خلق الإنسان.. وكذلك كل جنس من الحيوان أو النبات، قد أحكمه ربه، على صورة ومثال واحد.
فمن أحكم هذه الصورة إلا القائل: ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) سور ة آل العمران 6
وإذا تأملت في الهواء الذي تتنفسه، سترى؛ أنك تستهلك الهواء الصالح ( الأكسجين)، وتحوله إلى هواء فاسد ( ثاني أكسيد الكربون) ، ولكن مقدار الهواء الصالح لا ينقص لأن الخالق أمر النبات أن يعوض الهواء الصالح، بقدر مُحكم، بحيث تبقى نسبة الهواء عند قدر معلوم، لا يزيد ولا ينقص، ألا يشهد ذلك: أنه من صنع العليم الحكيم؟!
وإذا نظرت إلى أنفك، وجدته قد أُحكم ليتناسب مع وظيفته، فالهواء يدخل من ثقبين بين العينين، لكن العليم الحكيم غطّى هذين الثقبين بالأنف، وجعل النصف الأعلى من الأنف عظماً، حتّى لا تضغط الرياح على هذا الغطاء، فيسد الثُقبين، فيمتنع التنفس، كما يُشارك عظم الأنف في حماية العينين. وفتح الأنف باستمرار لدخول الهواء، إذ لو كان الأنف كله من عظام لما تمكنا من إخراج المخاط. وجعل الخالق جدار الأنف مائلاً لكي يصطدم الهواء بالجدار المائل، فيرده إلى الحواجز الداخلية، ليصطدم بها ، فُيلامس الهواء الداخل المبطن لجدار الأنف، فتلتصق به الجراثيم ، والأتربة، فيتصفى الهواء قبل دُخوله.. و في الشتاء تتكاثر الدماء في الأنف، فنراه محمراً وذلك لتدفئة الهواء الداخل، وفي الصيف يقوم الأنف بترطيب وتبريد الهواء الجاف أو الحار.
ألا يشهد ذلك كُلُه أنه من صنع العليم الحكيم؟!
وهكذا: لو تأملنا في خلق كل شيء في الأرض والسماء، لوجدنا أنه قد خُلق في غاية الإحكام.
والإحكام في كل شيء ، يَشهد لكل عاقلٍ، أنّه من صُنع الحكيم العليم سبحانه، قال تعالى:
( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ) الزخرف 84
إلى أعلى الصفحة
الخبيــــــــــــــر
تأمل إلى طعامك؛ كيف خرج من تراب، وماء واحد أنواعاً مختلفة الثمار، والألوان: ستجد ذلك يشهد لك أنه من صُنْعِ الخبير الذي يُخرج من الأصل الواحد أنواعاً مختلفة مُتباينة في غاية الإحكام ، وتأمل إلى هذا الطعام: كيف يُكَوِّنُ منه الخبير سبحانه، لحما، ودما, وعظماً, وشحماً, ولبناً, وجلداً, وشعراً, وأصابع, وأظافر، وأعصاب, وسوائل مُختلفة.
وتأمل إلى وجهك؛ كيف يخرج اللعاب من الفم والمخاط من الأنف، والدمع من العينين، والشمع من الأذنين، وكل هذه الإفرازات من طعام واحد !! فيشهد لك خلقها أنها من صنع الخبير.
وكيف يكون الحال لو خرج اللعاب من الأنف؟!
والمخاط من الفم؟! والشمع من العين؟!
والدمع من الأذن؟!
فمن حدّد التركيب؟! ومن حدّد المكان؟!
ألا هو العليم الخبير الحكيم.
والنطفة التي خلق الإنسان منها ؛ جعلها الخبير العليم الحكيم أعضاء متباينة , وأجهزةً مُحكمة , متعاونة , لخدمة الإنسان.
والسمك في البحر يحتاج إلى الهواء لتنفسه, فأذاب له الخبير الرّحيم الهواء, مع قطرات المطر ، التي تنزل في البحر, وأعد السمك بجهاز خاص ( الخياشيم ) لتستخلص به ذلك الهواء الذائب في الماء.
وإذا تفكرت وأمعنت النظر وجدت كل شيء في الكون، قد صُنع بخبرة بالِغَةٍ، تشهد لك أنها من صُنع الخَبير سُبحانه.
إلى أعلى الصفحة
الـــــــــــــرزاق
عندما كان الإنسان حبيساً في ظُلُمتا الرّحم، ولا يستطيع بَشَرٌ أن يمده بشيء، من ماء ، أو غذاء ، حتّى الأب ، والأم التي هو في جَوفها يتخلق ، لكن رحمة ربه الرّزّاقُ، ساقت له الرزق ناضجاً مهضوما ًمن أنبوبة هي حبل السّرة , وعندما يخرج الطفل وينقطع حبل السّرة ، يُخرج الرزاق غذاء ذلك الوليد من ثدي أمّه، ويلهمه استخراج ذلك الغذاء، ( اللبن ) بمص الثدي، وهو بَعْدُ لا يبصر ، ولا يسمع ، ولا يعقل.
ثم يرزق الله العباد، من النباتات والأشجار التي تصنع الطعام من الماء والتراب والهواء ويسخر الله الشمس للنبات لإتمام صُنع الغذاء الذي يحتاجه الإنسان والحيوان، وما كان للغذاء أن يوفر لولا أن الله يسوق الماء العذب ويهيئ التربة الصالحة للزراعة ويوجد الجو ، والظروف المناسبة لإنتاج الغذاء من النباتات قال تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنّا صببنا الماء صبا * ثُم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبّا * وعنباً وقضبا * وزيتوناً ونخلا * وحدائق غُلبا * وفاكهة وأبّا * متاعاً لكم ولأنعامكم )سورة عبس 24 32
" قضبا ": علفاً رطباً للدواب كالقضب وغيره
" غلبا " : بساتين عظيمة متكاثفة الأشجار.
" أبّا": كلأ وعشباً أو التبن خاصة.
فإذا أكل الإنسان أو الحيوان الطعام وتم هضمه بما خلق الله لكل كائن من أجهزة هضم ؛ ساقه الرزّاق إلى كل نقطة في الجسم الكائن الحي سواء كانت في وسط المخ أو على سطح الجلد أو مخ العظام..
وصدق الله القائل: ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عُتُوّ ونفور) سورة الملك 21
" لجو": تمادوا في استكبار وعناد.
إن الرزاق سبحانه، قد تكفل بالأرزاق فساق رزق بعض الأسماك إلى أعماق البحار وساق رزق بعض الدود إلى جوف الصخر وساق رزق الأجنة إلى ظُلُمات الأرحام وساق رزق جنين النبات إلى جوف البذرة..
قال تعالى: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٌ في كتاب مبين) سورة هود 6
وقال سبحانه: ( يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خلق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنّى تؤفكون) سورة فاطر 3
ومن أيقن أن رزقه موهوب له من خالقه ، فلن يقدر أحد على سلبه رزقه ولن يخشى على رزقه أحداً غير الله .
إلى أعلى الصفحة
الهــــــــــــــادي
إذا تأملت في أهداب الجفن الأعلى في العين ، وجدتها تنحني إلى الأعلى ، وأهداب الجفن الأسفل تنحني إلى أسفل ، ولو انعكس الأمر لتشوش رؤية العين..
فمن هَدَى ويَهْدِي كل شعرة في كل جفن من إنسان أو حيوان ، إلا الهادي سُبحانه؟!
من الذي يهدي أسنان الفك الأسفل أن تتجه إلى أعلى وأسنان الفك الأعلى أن تتجه إلى الأسفل؟!
من الذي هدى الأنياب أن تنمو فوق الأنياب؟!
والأسنان فوق الأسنان؟!
والأضراس (المطاحن ) فوق الأضراس؟
من؟ إلا الهادي ( الذي خلق فسوّى * والذي قدر فهدى ) سورة الأعلى 2 – 3
من يهدي كل عضو في كل جسم ، من نبات أو حيوان أو إنسان إلى أن يأخذ مكانه الصحيح بين باقي الأعضاء ، وأن ينمو بالقدر المُناسب لباقي الأجزاء؟!
ومن الذي يهدي البذرة ( الحبة ) وهي تشق التربة عند نُمُوّها أن ترسل العُرُوق ( الجذور ) إلى أسفل والساق والأوراق إلى الأعلى؟ ولماذا لم نجد بذرة واحدة ينعكس الأمر
فيها؟!
ألا يشهد ذلك كلّه لكل صاحب عقل: أن ذلك من صُنع الهادي سُبحانه.
من الذي يهدي أوراق الشجر إلى التوزع على الساق أو الأغصان، فإذا خرجت الورقة الأولى من جهة ، خرجت الثانية من جهة أخرى؟!
من الذي يهدي الشمس، والقمر ، والنجوم في حركاتها، ويهدي الطيور الرّحالة إلى بلدانها البعيدة؟!
ألا هو الهادي ( الذي خلق فسوّى * والذي قدر فهدى ) سورة الأعلى 2 – 3
والذي يهدي الشعرة ، والبذرة والورقة، وأكمل هدايته للإنسان فأرسل له الرسل وأبان له الهدى.
ومن أيقن أن الله هو الهادي الحكيم فلن يقبل أي فكرة تُعارض هُدَى الله، شِعاره قول الله تعالى :
( قل إنّ هُدَى الله هو الهُدَى ) سورة الأنعام 171
إلى أعلى الصفحة
الحــــــــافـــظ
إن الذي حفظك من الأخطار وأنت تتخلق في بطن أمك، هو الذي يحفظ المُخ الضعيف بقفص قوي من عظام الجمجمة، ويحمي العين بعظام الحاجب والأنف والوجنة، ويحمي القلب والرئتين بالقفص الصدري.
إنه الذي يحفظ حياتك، فيسّر لك أسباب الحياة من طعام وماء وهواء وضوء وحرارة وغيرها.
إنه الذي لم يُكلّفك بإدخال الهواء إلى جسمك، أو إخراجه في نومك أو يقظتك، ولو كلفك ذلك، لما تمكنت أن تعمل شيئاً، غير إدخال الهواء وإخراجه ، فإن غلبك النوم، انقطع عنك الهواء ويأتيك الموت.
إن الحافظ هو الذي يسوق السُحب فوق رأسك، فلا يُنزلها سيولاً تَصُب، فتهلك الحرث والنسل.
إن الحافظ سبحانه هو الذي أحاط الأرض بغلاف من الهواء يمنع الأشعة الكونية القاتلة القادمة من الشمس والنجوم من أن تهلك الحياة والأحياء ، وهو الذي جعل غلاف الهواء درعاً واقياً من تدمير الشُهُب والنيازك التي تسقط على الأرض بالملايين كل يوم وليلة، وهو الذي ثبت الأرض، من أن تميد تحت أقدامنا بالجبال الراسيات !! .
أفلا نشكر للمولى سُبحانه: أن حفظنا من داخلنا ومن فوقنا ومن تحتنا ، وصدق الله القائل:
( له مُعقِّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) سورة الرعد 11
" معقبات " : ملائكة تتعاقب على حفظه في الليل والنهار.
ومن أيقن أن الله حافظه فلا يضره من في السموات والأرض إلا بما قدره الله له، شعاره قول الله : ( قل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) سورة التوبة 51
إلى أعلى الصفحة
صفـــــــات أخرى
وإذا تأملت إلى الطعام الواحد، تأكله الأسرة فيتكوّن في جسم الرّجل رجلاً وفي جسم المرأة امرأة وفي جسم الطفل طفلاً.. فإذا أكله الهر تحول إلى جسم هر، وإن أكله الفأر أو الكلب كان فأرا ، أو كلباً، مع أنه نفس الطعام.. فسبحانه المصور الذي يصور كيف يشاء.
وإذا تأملت إلى حنان الأم ، ورحمتها بابنها، سواء كانت امرأة ، أم أنثى حيوان ، وجدت التضحية البالغة تظهر لك حتى إن الدجاجة التي تخاف من صوت الطفل تنتفش وتهاجم من أراد فراخها بسوء.
إن تلك الرحمة التي تُحمى بها صغار المخلوقات تشهد أنها صنع الرحيم الرحمن.
وإذا تأملت إلى ضخامة المخلوقات : كالنجوم ، التي هي أكبر من أرضنا بملايين المرات، وتأملت إلى أدق المخلوقات التي تجتمع الملايين منها في قطرة ماء، وسألت نفسك: كيف خضعت كل هذه المخلوقات، لسيطرة واحدة ، ونظام محكم دقيق؟!
عندئذ ستجد الإجابة: بأن هذا من صنع القوي المُهيمن سُبحانه وتعالى.
إلى أعلى الصفحة
الواحد الأحـــــــد
ويقدم الوجود كله شهادة بأنه من صنع الواحد الأحد.
فأنت ترى أن غذائك ؛ يتوقف على عمل المعدة والأمعاء ويقول الأطباء: إن عمل الأمعاء يتوقف على عمل الدماء ، ويتوقف دور الدماء على الهواء وحركة التنفس ، ويتوقف الهواء الصالح للتنفس على عمل النباتات ويتوقف عمل النباتات على وجود الشمس، ووجود الشمس يتوقف على وجود الكواكب المُحيطة بها والنجوم الأخرى.. وهكذا نجد: أن كل شيء، يعتمد في وجوده وعمله على غيره من الأشياء كما رأينا أن المعدة مرتبطة بنجوم السماء؛ وذلك يشهد أن الجميع من صنع رب واحد ، قال تعالى: ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ) سورة المؤمنون 91
وقال تعلى: ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد ) سورة الإخلاص 1-2-3
" أحد" : لا معبود سواه ولا رب غيره.
" الصمد " : الغني الذي يقصد في الحوائج ولا يحتاج إلى أحد.
ولو كان هناك إله غير الله لحدث الصراع بينهم على تسيير هذا المخلوقات وعندئذٍ يدب الفساد إلى الأرض والسماء ، قال تعالى: ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) سورة الأنبياء 22