إسمحو لي أن أقدم في هذا الباب من الشخصيات السياسية مفهوم السياسة وكذلك لبعض المفاهيم السياسية من وقت لآخر لتعم الفائدة.
السياسة:
العلوم السياسية:
الفكر السياسي هو نتاج انساني متعلق بماهية الدولة، مصداقيتها النظرية والطريق الأوجب لتفعيل مؤسساتها المختلفة.
ان الفكر السياسي وتتطوره يعتمد بالأساس على طرح الأسئلة التي قد تؤدي إلى اثارة الجدالات حول المسلمات والبديهيات الاجتماعية. وهذا لا يمكن أن يتم في مجتمع تسيطر عليه التقاليد بشكل مطلق، إذ أن طرح أسئلة كهذه تحتاج إلى مجتمع يترك مجالا للفرد لخرق التقاليد والتحرر من الأفكار الجامدة. وفقط عندها يبدأ الفرد بتحقيق وعي ذاته، وبالتالي يتمكن من رؤية تقاليد مجتمعه وفهمها وانتقادها.
منذ نشأته والفكر السياسي يتمركز في موضوعين اساسيين:
البحث في ماهية وطبيعة الدولة.
مواجهة هذه المقاييس مع الواقع السياسي الموجود.
إن بداية الفكر السياسي يمكن نسبها إلى السفسطائيين، وهم معلمو الشريعة والخطابة الذين ظهروا في اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد. وكلمة سفسطائي تعني معلما للمنطق والفصاحة، وقد احترف السفسطائيون تعليم الشباب اداب السلوك والحكمة، وكما انهم ساعدوهم في تعلم اللغة، المنطق، البلاغة والقوانين وغيرها. وكان السفسطائيين يتجولون في أنحاء اليونان ويبيعون العلم لمن يدفع أكثر (مما ادى إلى احتقارهم). لقد تمركز الفكر السفسطائي في ايجاد تفسير للتناقض بين قوانين الطبيعة (الغاب) وبين القانون المدني (قانون الدولة).وينطلق الفكر السفسطائي على أساس أرادة الانسان، وأن من حق كل فرد اختيار نظام الحكم الذي يراه مناسبا.
تطور علم السياسة
أصبحت الجامعات تعترف بعلم السياسة كعلم أو فرع من العلوم الاجتماعية والإنسانية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وترسخ هذا الاعتراف بإنشاء كل من المدرسة الحرة للعلوم السياسية في باريس عام 1872 Ecole Libre des Sciences Politiques, ومدرسة لندن لعلم الاقتصاد والسياسية London School of Economic & Political Science وقد تأكدت أهمية هذا العلم باعتماده كمادة للتدريس في الجامعات الأوروبية بصفة عامة والجامعات الأميركية بصفة خاصة .
وقد أدى وجود عوامل إلى تهيئة الجو الملائم لنمو هذا العلم مثل الحرية الفكرية وتقدم العلوم الاجتماعية بصورة عامة والشعور بالحاجة إلى علم السياسة لإعداد قادة سياسيين وإداريين جدد و تثقيف المواطن.
وقد اقترن ذلك الاهتمام بالمزيد من الاتجاه نحو الدراسة الاستقرائية لمختلف الظواهر السياسية كالأحزاب السياسية والرأي العام وجماعات الضغط والمصالح وغيرها خاصة في الولايات المتحدة حيث غلبت فيها النزعة المنهجية لدراسة الوقائع والجزئيات إلى درجة أحدثت تطوراً منهجياً جديداً جعل علماء السياسة فيها يتبنون نظريات جديدة .
و قد ظلت دراسة النظريات السياسية التقليدية غالبة في أوروبا إلى أن تأثر العلماء والمفكرين السياسيين في أوروبا بالمناهج الاستقرائية والتحليلية الأمريكية مما احدث تحول تدريجي لصالح هذا الاتجاه.
وقد ظلت النظرة السائدة إلى علم السياسة إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية على أنه فرع من العلوم الاجتماعية أو الإنسانية التي تهتم على وجه ما بالحياة السياسية وأنه ليس هناك ميدان خاص للمعرفة ينفرد به علم السياسة انطلاقاً من أن جميع العلوم الاجتماعية والإنسانية تتناول السياسة ، أي أن النظرة لعلم السياسة أو العلوم السياسية كانت تؤكد العلاقة بين علم السياسة والعلوم الاجتماعية دون أن نعترف له بموضوع خاص ينفرد به دون سائر العلوم الاجتماعية .
إلا أنه عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وما نتج عن تلك الحرب من ظواهر سياسية لم تكن موجودة من قبل وانقسام العالم إلى كتلتين وقيام كيانات دولية جديدة - كل هذه العوامل أكسبت أهمية لعلم السياسة وفتحت الباب للبحوث السياسية والدراسات المستقلة،وأعطت لعلم السياسة أبعاداً جديدة تبرزه عن العلوم الاجتماعية الأخرى.
شكراً و أتمنى الفائدة للجميع