فكانت اخلاق الرسول وصفاته الشخصية اهم العوامل التى ساعدت على تكوين المجتمع الاسلامىالاول تكوينا سليما, فكانت اخلاقه رخاء و صفاء و سماحة, وحسبك ان الله سبحانه و تعالى, وصفه بقوله وانك لعلى خلق عظيم ووصف الرسول نفسه بقوله ادبنى ربى فاحسن تاديبى وقد كانت هذه الاخلاق من الاسباب التى جمعت الناس حوله, قال تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك واخلاق الرسول السمحة بدات قبل البعثة, فهو لم يسجد لصنم قط, وكان معروفا بين اهله و قومه بالصادق الامين, ولم يشترك صلى الله عليه و سلم فيما تعوده شبان قريش من عبث و مجون . و بعد البعثة زادت اخلاقه بسمو الوحى سموا و عظمة , واصبح اعظم العظماء فى كل شىء , فى الصدق و الامانة , و الوفاء و الحياء و الشجاعة ,والكرم و الزهد و الصبر على الشدائد , و مواجهة اعباء الرسالة, و مشكلات الحياة , عظيما و رحيما فى معاملة اصحابه و معرفة اقدارهم ,عظيما مع اهله و فى بيوته.
ولقد بهرت اخلاقه عدد من كتاب الغرب فانصفوه و قالوا كلمة الحق عنه.
يقول وليم موير- ان من صفات محمد الجديرة بالتنويه, الرافة و الاحترام اللذين كان يعامل بهما اصحابه , فان التواضع و انكار الذات,والرافة و الاناة و السماحة, تغلغلت فى نفسه, فاحبه كل من حوله,ولم يكن الاصلاح اعسر ولا ابعد منالا منه عند ظهور محمد,ولا نعلم نجاحا تم كالذى تركه عند و فاته.
و يقول الشاعر لامارتين - ان محمدا هو اعظم رجل بجميع المقاييس,التى وضعت لوزن العظمة الانسانية, فاذا كان مقياس العظمة الانسانية هو اصلاح شعب متدهور, فمن ذا الذى يطاول محمدا فى هذا المضمار؟ و اذا كان مقياس العظمة هو توحيد الانسانية المفككة الاوصال,فان محمدا اجدر الناس بهذه العظمة, لانه جمع شمل العرب بعد تفكك شامل, واذا كان مقياس العظمة هو اقامة حكم السماء فى الارض, فمن ذا الذى ينافس محمدا الذى محا مظاهر الوثنية, وثبت عبادة الله و قوانينه فى عالم الوثنية و القوة .
ويقول واشنجتون ارفنج - ان من ابرز صفات محمد تسامحه مع خصومه, ولسنا نعرف رجلافى التاريخ كمحمد فى هذا المضمار, لقد تسامح فى اوقات كان الزعماء فى امثالها ينكلون بمن كانوا معارضين لهم تنكيلا شديدا بشعا, ولكن تسامح محمد مع خصومه, ومع معارضيه,حقق له سيادة و تفوق على كل الزعماء عبر القرون.
اما الدكتور مايكل هارت , صاحب كتاب المائة الاوائل - فقد وضعه على راس القائمة مبررا ذلك , امام القراء الغربيين , الذين يكتب اليهم فى الاساس - بانه الانسان الوحيد فى التاريخ , الذى نجح نجاحا مطلقا, على المستوى الدينى و الدنيوى , نشر الاسلام وهو من اعظم الديانات, واصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا, وبعد مرور القرون العديدة , فان اثره لا يزال قويا و متجددا.
وكلمات المنصفين من الباحثين غير المسلمين , عن النبى صلى الله عليه وسلم لا حصر لها ونحن فى الحقيقة لسنا فى حاجة الى اقوالهم لنثبت عظمة نبينا عليه الصلاة والسلام , وانما اوردنا هذه الاقوال, لنثبت ان اخلاقه كانت محل تقدير حتى من غير المسلمين .
والحق ان جوانب العظمة و الكمال الانسانى فى شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع احد ان يحصرها, او يحيط بها, وستظل سيرته واعماله واخلاقه, مجالا رحبا, للبحث والدراسة والتامل والاقتداء,ما دامت الحياة,وسيظل من ارسى من مبادىء وقيم سامية,قدوة حسنة,ومصدر الهام لكل طلاب الكمال الانسانىمن بنى ادم فى كل زمان ومكان