الاسابيع تمر وادارة بوش تقترب من نهاية طريقها. الاشهر السبعة المتبقية حتي انتخابات الرئاسة والكونغرس تحفز الرئيس بوش وفريقه علي التركيز علي تحسين ميزانهم، قبل الجرد في الانتقال الي الادارة التالية. في هذا السياق الواقعي ينبغي التعاطي مع زيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس رغم أن اهميتها محدودة والتوقعات منها متدنية، الا انها تعكس اعترافا امريكيا بالحاجة الي الاستثمار في تقدم التسوية الاسرائيلية ـ الفلسطينية، حتي عندما يكون الاحتمال للمردود العالي والفوري متدنيا.
في حديث مع الصحافيين في واشنطن، عشية سفرها الي اسرائيل، في طريقها للعودة واللحاق ببوش في قمة الناتو في بوخارست ومن هناك الي اللقاء مع فلاديمير بوتين ـ وضعت رايس المساعي لحل النزاع في مكان محترم وان لم يكن اعلي في قائمة أهداف الادارة. روسيا، حلف الناتو، نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية وتحسين الميول المتبلورة في القتال المتواصل في العراق وافغانستان بداية، القدس، رام الله وغزة بعد ذلك فقط. ومع أن بوش ورايس معنيان بصدق بحل المشكلة التي تبث أثرها علي مشاكل اخري ايضا، الا انهما اذا ما فشلا في ذلك فانهما يسعيان الي ان يصدا منتقديهما بمثابة لا تقولوا اننا لم نجرب . اهمال النزاع الذي ميز ادارة بوش في سنواتها الاولي، باستثناء الشرارات التي تبددت بسرعة ـ خطاب الدولتين في حزيران (يونيو) 2002 وخريطة الطريق في اعقابه، التأييد للاخلاء احادي الجانب من غزة مقابل المراعاة في الكتل الاستيطانية في الضفة ـ استبدل في نهاية السنة الماضية بنشاط حثيث تحت عنوان مسيرة انابوليس التي ليس واضحا مدي نجاحها بعد.
الرحلة الحالية لرايس، ترمي كسابقتها لتحفيز ايهود اولمرت ومحمود عباس ليس فقط علي بناء جسر بينهما بل والصعود اليه أخيرا والتحرك نحو لقاء ينتج اتفاقا. ولهذا الغرض تكثر وزيرة الخارجية من زياراتها الي اسرائيل بل وتشدد انتقادها علي السياسة الاسرائيلية، ولا سيما في مجال البناء خلف الخط الاخضر، بما في ذلك في شرقي القدس، والاثقال علي نسيج حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. ضعف عباس، في اوساط الجمهور الفلسطيني بشكل عام وفي ضوء السيطرة العسكرية لحماس علي غزة بشكل خاص، دفعت رايس الي توجيه معظم مطالبها الي اسرائيل. الاستجابة لهذه المطالب ستحسن الاجواء، حتي لو لم تؤثر علي المسائل الجوهرية، او تزيد بالضرورة قوة المعتدلين، مقابل المتطرفين في المجتمع الفلسطيني ولن تؤدي الي وحدة في الساحة العربية المنقسمة، كما ينعكس في مؤتمر القمة العربية في دمشق.
اربعة اشهر من مسيرة أنابوليس لا تبشر لها بالخير، ولكنها ستتواصل، في هذه الصيغة او تلك، في الادارة التالية، ديمقراطية كانت أم جمهورية، مع او بدون ناجين من الادارة الحالية (رايس هي مرشحة محتملة لان تكون نائبة جون ماكين). الزيارات الي اسرائيل والانتقادات عليها لن تهدأ. ولاسرائيل مصلحة حقيقية، وليس وهمية للعمل بمزيد من القوة لانجاح المساعي المتأخرة، الاخيرة، لبوش ورايس.