الشباب ذاك الطفل الذي بدأ بكاؤه منذ اللحظة الأولى لاستقباله الحياة. حياة لم يخترها ووسط قد لا يألفه يرث من محيطه كل ما هو من شأنه دفعه نحو المستقبل بشعوره الكبير بالطموح وشعوره الأكثر بالحرمان لكونه غير قادر على الوفاء بأدنى متطلبات الحياة وأول ما يعترضه في مسيرته مشاكل الآباء، الوجبة غير المفضلة لديه المقدمة قسرا وقد تكون على مدار الساعة تتضمن الخلافات وتبعاتها من تفريغ لشحنات الغضب إما بإهمال الأبناء أو بضربهم وتبقى هذه المسألة بسيطة إذا لم يترافق معها الفقر وانخفاض مستوى المعيشة وعدم وجود مسكن وخدمات أخرى وقد تنتهي هذه الظروف بعوارض لم يكن مخططاً لها كفقدان أحد الأبوين أو بمآس أخرى مماثلة. هذا الواقع يفرض نفسه على الشباب يعيشه كما هو دون أدنى درجات العلم والتعلم والأهم الافتقار إلى المعلم الناصح الناضج المسير الحكيم في قراراته ومشورته. يسيطر على الشباب اليوم مشكلة القلق والخوف ويعيش في مجتمع يعاني من تعارضه مع الدين لأنه لم يتعلم أصلا ضمن أسرة قادرة على إقناعه بقيم وأخلاق دينه ومتمسكة بتعاليم هذا الدين ولم يتعلم احترام القيم الأخلاقية ويواجه الصراع مع نفسه ومع المحيط للفروقات الظاهرة بين المحافظة والتحرر مع نقص في عدد الذين يشعرون بالذنب وتأنيب الضمير.
يطالب الشباب اليوم بالتحدي والتصدي لعدو أراد أن يسيطر على أحلامه بداية من احتلال أرضه إلى التحكم بفكره وقراراته وتغيير مسار أفكاره يهرب الشباب من واقعه ويتجه نحو ما يخفف عنه عبء الفشل والواقع وخاصة الأزمة المالية السيئة فيكتسب السلوك السلبي كالمخدرات والمسكرات بشخصيته المضطربة المفككة التي تستقبل كل ما يظنه جديداً وعصرياً وهي نافذة لتلقي القيم الأجنبية ما يجعل الشباب في حالة تذبذب ويضفي على الشخصية نوعاً من سوء التكيف والتوافق فيحاول التكيف مع واقعه بطرائق جديدة.
أمور أخرى مطروحة كأن ينشأ الشباب في عالم يفتقر إلى الأمن واستسلامه يقتل روح المبادرة والعمل لديه ويشعر بانعدام الثقة والأمن معا كما يشعر بانهيار أحلامه لأنه غير قادر على التنظيم والتخطيط ولم ينشأ في وسط واع ولا يستطيع السيطرة على المصير. اتكالي كسول متواكل لغياب ادنى الخدمات الواجب تقديمها وخاصة الصحية والرعاية الاجتماعية وتلازمه صفة الخوف من المبادرة والعمل لنقص الخبرة والفشل مع الخوف من عدم تقبل الآخرين له خاصة وسط العمل أو الدراسة إذ إنه معني باختيار مهنة ما والعمل حتى يحقق لنفسه الرضا بين الأصدقاء وانتزاع ثقتهم. يخسر الكثير من الشباب وقتهم غير المثمر باللعب أو الهرج والمرح والتسلية لأنه لا يملك الدافع المعنوي والمادي لتأهيل نفسه وتوظيف إمكاناته الدراسية لصقلها بالعمل فهو يواجه الصدمة أول الأمر بعاطفته القوية وسط أقرانه ومن ثم سعيه الحثيث نحو العلم والمعرفة وهذا الفراغ والانسياق وراء العاطفة يعزز التوجه نحو إشباع رغباته ويبحث عمّا يحرك أحاسيسه ويستجيب لشهواته.