اسم «الشامية» له امتداد تاريخي طويل، ورغم انني سعيت الى معرفة متى تمت تسمية الشامية بهذا الاسم، لكنني لم أعثر على وثيقة مكتوبة أو أثر شفوي يؤكد الزمن المحدد الذي بدأ أهل الكويت يستخدمون فيه اسم الشامية لوصف هذه المنطقة. لكنه من المسلم به ان الشامية (ولا نعني بها الشامية الحالية فقط وانما امتدادها الشرقي والجنوبي) اسم قديم قد يعود الى أكثر من 150 سنة على الأقل.
الشامية.. وأسباب التسمية
في كتابه «دولة الكويت.. الأماكن والمعالم»، يقول الدكتور يعقوب يوسف الغنيم ان منطقة الشامية تبعد عن العاصمة كيلومترين ونصف الكيلو وعندما كان سور الكويت قائما كان احد أبوابه باب الشامية، حيث يخرج منه الناس الى منطقة الشامية عندما كانت أرضا خالية ليتمتعوا بأجواء الربيع ومناظره فيها، ومن آبار الشامية كان يجلب الماء العذب الى الكويت بواسطة الجمال والحمير.
وطبقا للكاتب محمد حمد السعيدان، رحمه الله، فان الشامية كانت قرية صغيرة تجلب منها مياه الشرب على الحمير والجمال وهدمت عام 1959 ثم أعيد تنظيمها وبناء مساكنها. وعن تسميتها، يقول انها أتت نسبة الى الشام وان القوافل التجارية الذاهبة والغادية من والى الشام تتجمع فيها وتتخذها مركزا لانطلاقها بعد ان ترتوي تلك القوافل بالمياه من آبارها.
أما مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد، رحمه الله، فقد تحدث عن موارد الماء في الكويت قديما فقال ان آبار تسمى «الشامية» في جنوب غرب مدينة الكويت ازدهرت في فترة زمنية معينة ثم هجرها الكويتيون بعد ان تغير ماءها بسبب قلة الأمطار وكثرة الوراد. والمعروف ان كتاب المؤرخ عبدالعزيز الرشيد نشر في عام 1928 مما يدل على ان الشامية كانت معروفة بهذا الاسم قبل تلك الفترة.
وتعرض الكاتب فرحان عبدالله الفرحان الى الشامية فقال انها منطقة آبار ماء عذب وبعد توسع السكان انضمت الى مناطق الكويت وكانت شهرتها ابان كانت آبارا أكثر من شهرتها اليوم لانها مصدر رئيسي للماء العذب في الماضي، موضحا ان التسمية جاءت نسبة الى ديار الشام بسبب تجمع القوافل المتجهة الى الشام فيها منذ فترة طويلة.
أول مبنى بالشامية
أثارت حفيظتي احدى الصور القديمة التي عثرت عليها لمنطقة الشامية ويظهر فيها بشكل واضح مبنى قديم مربع الشكل له أسوار من جميع الجهات وفي وسطه بيت، ونظرا لان الصورة التي يعود تاريخها الى ما قبل منتصف الأربعينات، لم تنشر من قبل وليس عليها أي تعليق، لذلك حرصت على دراستها بشكل جيد لأنني اعتقدت من اللحظة الأولى ان هذا المبنى قد يكون أول مبنى في الشامية، فبدأت التحقق من المبنى وتوجهت الى جهات وشخصيات عدة قد يكون لديها معلومات حول المبنى. وقد توصلت الى قناعة كاملة مفادها ما يلي:
• يعود تاريخ الصورة الى ما قبل منتصف الأربعينيات لعدم وجود شوارع معبدة فيها، والمعروف ان أول شارع معبد في الكويت هو شارع دسمان وذلك عام 1945 لذلك يمكن القول بان المبنى المشار اليه قد بني في الثلاثينات أو أوائل الأربعينات على أبعد تقدير.
• المبنى تعود ملكيته السابقة الى الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح الذي بناه في الفترة التي أشرنا اليها ثم يبدو انه استخدم سكنا لأجانب من موظفي شركة النفط الأمريكية المستقلة التي كانت تسمى اختصارا «امين أويل». وقد حصلت على مخطط قديم للشامية ويبدو فيه بوضوح شكل القصر ومساحته وكتب عليه باللغة الانكليزية «ماكفرسون بالاس». وقد أكد ذلك عبدالله ابراهيم الحوطي (سكن الشامية القديمة بالقرب من السدرة والثليم في أوائل الخمسينات) وعبدالله عبدالرحمن الرويح (سكن الشامية عام 1956 وعمره 16 سنة) وهما من قدماء الساكنين بالقرب من موقع المبنى.
• الصورة الثانية للمبنى أخذت في الخمسينات (حسب تقديري) ويمكن التحقق بوضوح من ان هذا القصر لم يبن ليعيش به أمير الكويت، بل لاستخدام شخص أجنبي، اذ ان هناك وحدات سكنية من طابق واحد بنيت على امتداد الأسوار الأربعة للقصر وهو أمر لا يفكر به أهل الكويت آنذاك.
• استمر القصر في الوجود حتى بداية الستينات حيث يوجد مسجد أبوبكر الصديق وتوجد شوارع المنطقة كاملة وكذلك العديد من المنازل ومنها بيوت المجرن الرومي وغيرهم. والمعروف ان مسجد أبوبكر الصديق افتتح في عام 1959.
• تأكدت من المخططات الرسمية التي بحوزة ادارة نزع الملكية التابعة لبلدية الكويت ان هذا القصر قد تم تثمينه في عام 1962 لمصلحة ورثة الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت الراحل . وقد أكد لي أكثر من شخص من كبار السن هذه المعلومة التاريخية ومنهم جاسم خالد المرزوق وزير التربية والتعليم الاسبق وهو من سكان الشامية أيضا.
من كل ذلك يمكن القول ان أول مبنى بني في الشامية هو قصر الشيخ أحمد الجابر الصباح وذلك في الثلاثينات تقريبا وتم استخدامه من قبل شركة النفط الأميركية المستقلة فترة من الزمن وتم تأجيره على وافدين عرب وأجانب فترة من الزمن، وتم تثمينه في عام 1962. وقد تم تخصيصه لاحقا لوزارة التربية حيث استخدم كمقر لدار المعلمات وتحول فيما بعد والى اليوم الى كلية التربية الأساسية للبنات التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي. وهنا لابد من التوضيح بان هذه المعلومة لاتعني ان الشامية كانت خالية من الناس قبل بناء القصر، بل يجب التأكيد على انها كانت مصدرا رئيسيا من مصادر المياه بالكويت وكان بعض الناس يترددون عليها يوميا منذ عقود طويلة من الزمن للحصول على المياه وكان أصحاب الآبار يتواجدون يوميا في مواقعهم، الا انها لم تصبح مكانا للسكن الدائم وتبنى بها مساكن من الطين الا في منتصف الثلاثينات تقريباً او بعد ذلك بقليل.
علي سالم الجدحي يصب الماء لمكفرسون
يقول علي سالم الجدحي (مواليد عام 1933) انه كان يعمل سائقا على تنكر مياه مع اسرة راشد المجرن الرومي وانه كان يرتبط باتفاق استمر أكثر من سنتين مع مكفرسون (الذي كان يسكن قصر الشيخ احمد الجابر الصباح في الشامية في منتصف الخمسينات) لتعبئة خزانات المياه بشكل شبه يومي وان مكفرسون كان يطلب منه عدم استخدام مياه السدود ومصدرها الأمطار ولذلك كان يجلب المياه العذبة له من بركة في نقعة الشملان حيث تقوم الابوام بجلب هذه المياه من شط العرب. وعلي الجدعي من أبناء المهرة الذين قدموا الى الكويت عام 1948 مع النوخذة عيسى العثمان والمجدمي احمد السبيعي في بوم «تيسير» من منطقة «قشن» وعاش في الكويت منذ ذلك الوقت ويعمل مع أسرة المجرن الرومي الى اليوم. أما مكفرسون فهو مدير عام شركة الزيت الأميركية المستقلة وتسمى اختصارا «امين اويل» وكان يسكن في قصر الشامية ومكتبه الرسمي في الصالحية في ذلك الوقت.
الشامية القديمة
يبدو انه قبل هدم سور الكويت وفي ظل التوسع العمراني داخل مدينة الكويت القديمة وضيق المساحات السكنية، بدأ الناس يفكرون في الخروج من السور والاستقرار خارجه وكانت أولى المحطات السكنية الجديدة خارج السور منطقة الشامية القديمة. وتتكون الشامية القديمة من منطقتي ضاحية عبدالله السالم والشامية الحالية، اضافة الى المنطقة التي تسمى بالحزام الدائري الأول المحاذية لشارع السور. وقد سكنت العديد من العوائل الكويتية هذه المنطقة قبل هدم السور ومنذ الأربعينات وسيجد القارئ في الصفحات القادمة نقولات عديدة عن سكان الشامية القديمة.
سليمان بورسلي سكن الشامية القديمة
يقول سليمان حمد بورسلي انه سكن في الشامية القديمة عام 1951 في موقع قريب جدا من بوابة الشامية وكان بجواره محمد السهلي وسليمان المصري ومجبل البذالي واحمد بن ناصر بورسلي واسرة السعيد. ويقول ان أرضه كان طولها 100 ذراع وعرضها 100 ذراع وانه اشتراها بمبلغ 1000 روبية وبنى فيها منزلا صغيرا به 3 غرف نوم واللوازم الأخرى للبيت. كما يقول ان بوابة الشامية كان يحرسها في ذلك الوقت مرزوق الطحيح واحمد الخرس وعيد بن شيتان. وقد ثمنت الحكومة منزل سليمان بورسلي بمبلغ 25000 روبية وزادته 1000 روبية بعد ذلك في نهاية عام 1952.
عبدالله الحوطي سكن عند «السدرة والثليم»
يقول عبدالله ابراهيم الحوطي انه سكن مع أسرته موقعا في الشامية القديمة يسمى «السدرة والثليم» وهو اقرب الى بوابة الجهراء منه الى بوابة الشامية وذلك في عام 1950 تقريبا. وقد ثمنت الحكومة بيتهم في الشامية القديمة بمبلغ 180 ألف روبية وأعطتهم ثلاثة قسائم في الشامية الجديدة عام 1956
عوائل سكنت الشامية القديمة
من العوائل التي سكنت الشامية القديمة وهي المنطقة المعروفة حالياً بضاحية عبدالله السالم والمنطقة المحاذية لسور الكويت من ناحية بوابة الشامية الى بوابة الجهراء:
• عائلة بورسلي
• عائلة الأرملي
• عائلة البسام
• عائلة بوحديدة
• عائلة المصري
• عائلة البذالي
• عائلة المجرن الرومي
• عائلة المنيع
• عائلة الهويدي
• عائلة الرويشد
• عائلة الخشتي• عائلة المطيري
• عائلة المهوس
• عائلة الحسينان
• عائلة الحوطي
• عائلة المكيمي
• عائلة الشراح
• عائلة الحساوي
• عائلة الطاحوس
• عائلة المقهوي
• عائلة الجناحي
• عائلة البعيجان
• عائلة المحري منقول
• عائلة الملحم